شبكة النبأ: هناك جهود مبذولة الآن من اجل اعادة حشد القوى وتجديد الفكر يجمع هذا بين الدين والحقوق والثقافة ونلمس اكثر هذه الجهود كثافة لدى المراة المسلمة اليوم وان لم تكن وحدها منفردة في هذا المضمار اذ كانت مطالبها مستمرة سواء من خلال منظمات نسوية او ثقافية وقد تجلى نشاطها هذا منذ انعقاد مؤتمر المراة العالمي الرابع للامم المتحدة 1995 حيث انعقدت لقاءات مكثفة على الصعيد المحلي والاقليمي في افريقيا وآسيا واوربا والامريكتين.
وتحدثت عن الحقوق المدنية والاقتصادية للمرأة وعن حقها في ان تمتلك وان ترث العقارات وان تشرع باعمال المشروعات بصورة مباشرة في قطاع الاعمال علاوة على الحاجة الى تاسيس وحماية هذه الانشطة بناء على القانون وكذلك ضم اكبر تمثيل نسوي في المجالس النيابية والتشريعية واحداث تغييرات في قوانين الاسرة بحيث تتساوى حقوقها مع الازواج او الوالدين وحقها في رفض الانجاب الذي لا ترغب فيه ورفض الجنس الذي لا تريده والسيطرة على جسدها، واعتبار كل هذا من حقوق الانسان.
وترى المرأة ان التفاعل بين ثقافة وسلوكيات سائدة وحياتها اليومية ليس موضوعا افتراضيا اذ على الرغم من المكاسب الكبيرة السياسية والاقتصادية التي تحققت في اماكن كثيرة فإن المرأة في كل انحاء العالم لا يزال لديها مبرر لتكون حساسة إزاء الكيفية التي تؤثر بها الثقافة في حياتها ،والحساسية لأعداد كبيرة من النساء ليست ممارسة فكرية او انها اتجاه ما تتعلمه على ايدي مستشارين في الندوات، ان التحولات الثقافية والاستخدام السياسي للممارسات التقليدية يمكن ان يؤديا الى نشوء مواقف تتسم بالتعصب بل ربما بالخطر على حياة المرأة.
القواعد الثقافية في مجتمعات كثيرة صاغها صراحة الرجل الذي اعتاد ان يختار عن عمد او غير عمد استخدام المرأة كرمز لمعتقداته او سياسته ويمكن ان تتغير الثقافات حين يتغير القادة او السياسات.
والمرأة في الدول الصناعية ربما كانت الحرية هو الغطاء الذي يمنع مشاهدتها بصورة حقيقية اذ انها سلعة لايمكن معاملتها بشكل خاص كما هو الحال المشمولة به المرأة وفق النظرية الاسلامية كنظرية، فهي امام الآفة ذاتها التي تهدر حقوق الرجال والنساء معا لكنها اكثر قسوة على النساء بكون الآفة المتمثلة براس المال لم تجعل للمرأة بما يلائم وضعها التكويني الجسدي او النفسي ولذا فانها تعاني من امرين بدل الامر الواحد.
المرأة المسلمة في البلاد الاسلامية تواجه مؤثرين، ففي المشترك السياسي تعاني مع الرجل بما فيه من مؤثرات اقتصادية او بيئية فيما تتصارع مع العامل الثقافي باعتباره مؤثرا مباشرا وسلوكا يوميا تواجهه باستمرار وحدها فالثقافي في البلاد الاسلامية ليس بالضرورة ان يكون الدين هو المشكل الوحيد للثقافة السائدة وانما هو عامل من ضمن عوامل كثيرة تشكل الثقافة السائدة ومجموعة من الانعكاسات الميثولوجية ومستحدثة بنتيجة التماس مع البيئة الجغرافية والعوامل المؤثرة الاخرى.
الحقيقة الدينية انما تعاني من نفس الاشكالية فكثيرا ما يتعارض الدين الاسلامي مع الثقافة بوصفها خليط يحتوي الجيد مع الردئ بنسق اجتماعي سلوكي ورغم هذا التعارض فان القوة الثقافية امتلكت من القوة بحيث لازالت في مقابل الدين رغم رسوخه الزمني وقوة الحجة التي يمتلكها ومن المفارقة ان يوصم الدين في كثير من الاحيان بالثقافة السائدة في المجتمعات الاسلامية بكونه المثقف الوحيد والمشكل الوحيد للثقافة في البلاد الاسلامية وحتى المنظمات النسوية يعتبرن ان الدين هو العثرة الكأداء في طريق تحررهن، وهذا هو الخطأ الكبير الذي يقع فيه المؤاخذون وبعض المنظمات النسوية وخاصة المنظمات البعيدة جغرافيا عن البلاد الاسلامية.
فلم يكن الدين هو العثرة وانما العثرة تكمن في التشكيل الثقافي لتلك البلاد، والدين ليس المسؤول بالقدر الذي يكون التاريخ نفسه هو المشكل لتلك الثقافة، فالمرأة بحسب التنظير الاسلامي شئ مختلف بحدود واسعة مما في الثقافة السائدة.
يقول الامام الشيرازي (قده): ان المرأة كانت دوما بحسب المنطق القرآني مساوية للرجل في الحقوق حقوق العمل وحقوق السياسة وحقوق التربية والراي الخاص شرط الا تكون مؤثرة على الحقوق الاخرى وقد كفل لها الاسلام وضعها التكويني الخاص في العمل والعبادة، والزواج وانه لا يمكن باي حال اكراهها في اي امر لا ترغبه او انها لا ترضاه وان بدا عقلانيا للآخرين.
والاسلام بهذا قد جرد منطقه خارج الثقافة السائدة وافرز نظريته عنها وبدا مقارعا لتلك الثقافة بكونه ثقافة متفردة يسعى لأن تكون هي الثقافة المستقبلية التي تكون البديل عن الثقافة المختلطة والمشوبة بكم هائل من الانعكاسات الرديئة للماضي المتخلف.
والمرأة المسلمة قد استوعبت هذا الاشكال في بعض مناطق العالم وقد عبر عدد واسع من النساء عن فهمهم لسوء الفهم الآنف واخذت بعض المنظمات بالتثقيف الاسلامي الجاد سواء في العراق او في بعض الدول المجاورة له، وافرزت الثقافة السائدة وخصوصا تلك الاجزاء غير السليمة منها والتي تعد مسلمات ثقافية في السلوك الاجتماعي.
وحقيقة المراة في الدول الاسلامية انما تكمن في كونها تناضل من اجل القيم التي ينادي بها الاسلام وان مسالة تحررها انما هي منوطة باشاعة الثقافة الاسلامية الحقيقية وليس الثقافة السائدة التي يناضل ضدها المسلمون الحقيقيون لازالة مؤثراتها السيئة في المجتمع في خطيه العالي السياسي وخطه الادنى المتمثل بالاجتماعي، فكلما حققت الثقافة الاسلامية المعتدلة مكسبا ثقافيا تكون المرأة قد اعتلت ارتقت درجة باتجاه حريتها الحقيقية.
واذن فان النضال بالنسبة الى الرجل والمرأة من اجل الحرية يكمن بممارسة النضال الاسلامي والعمل الاسلامي على طول الخط لانه طريق الخلاص من العبودية والاستغلال والظلم وضياع الحقوق.
..............................................................