شبكة النبأ: من المفارقات التي يمكن ان يراها المرء في الجزائر انه يرى شيء مغاير للحقيقة فانه يلمس شكلا يدعو الى التطور في حين ان حقيقته الواقعية تعني الشيء المعاكس.
فقد يدهش مشهد نساء يعملن كسائقات حافلات وسيارات اجرة وفي محطات البنزين وكضابطات شرطة في بلدات كبيرة في الجزائر، والوافدين الجدد يحملهم على الاعتقاد بان النساء تحررن في الجزائر، ولكن ناشطات حقوق النساء يقلن ان هذا غير صحيح تماما.
فمثل هذه الحالات تظل استثناءات في مجتمع اسلامي يهيمن عليه الرجال حيث تتعرض النساء لسوء معاملة قد تصل في أحيان الى حد معاملة الرق وعنف على ايدي ازواجهن وابائهن واشقائهن.
وتقول صليحة لعراب من منظمة (رفض) النسائية الجزائرية لا تنخدعوا بأقلية من النساء يسرن على النهج الغربي، لا تزال الجزائر مجتمعا محافظا جدا يعتبر المرأة مواطنا من الدرجة الثانية.
ولا زالت نساء جزائريات حاربن من اجل الاستقلال مثل حسيبة بن بو علي وجميلة بو حريد بطلات في البلد الواقع في شمال افريقيا ويقطنه 33 مليون نسمة. بحسب رويترز.
وينص دستور الجزائر على المساواة بين الجنسين وتحتل النساء مناصب عليا في الحكومة المركزية والحكومات المحلية والمحاكم والأجهزة الامنية والسفارات.
وتقول الحكومة انها جرمت التحرش الجنسي واضافت مواد للقوانين تعزز حقوق المرأة.
ولكن قد ترى في بعض الاحيان ما يصل الى 12 امراة وطفلا نائمين ليلا في شوارع بوسط العاصمة الجزائر وكثيرات منهن هاربات من سوء معاملة الزوج أو طردهن ازواجهن بعد خلافات أسرية.
وتفيد بيانات الشرطة ان 7400 أمراة كن ضحايا للعنف في عام 2005 ارتفاعا من 5845 في عام 2004 .
وتضيف لعراب لا تفصح الأرقام عن الكثير، المشكلة الكبرى هي ان معظم الضحايا لا يشتكين، يلزمن الصمت خشية انتقام المجتمع، ليس من حق المرأة ان تشكو.
وفي مركز للنساء المتضررات في الجزائر تقول لمياء (35 عاما) انها تحملت ضرب زوجها لها أمام اطفالها الصغار طيلة خمسة اعوام قبل ان يلقي بها في الشارع.
وفرت من قريتها هربا من الاضطهاد والاهانات من جانب زوجها والجيران، وبعد ان اصبحت بلا مأوي لجأت لاسرتها لكنها رفضتها وتخلت عنها.
ولم تلق لمياء أي مساعدة وفقدت حضانة اطفالها لبعض الوقت، وحين أعيدوا اليها اكتشفت انهم كانوا ضحايا لاعتداءات جنسية من جانب أحد اقارب الزوج.
وتضيف.. تقدمت بشكوى وكان الرد الضرب مرة اخرى على يدي زوجي وهو ضابط شرطة.
والان عادت ابنتها التي تعيش معها في المأوي الى المدرسة الابتدائية بعد ان انقطعت عن التعليم لفترة طويلة. وقدمت لها منظمة غير حكومة مساعدة قانونية لمطالبة زوجها بالانفاق على اطفالها والحصول حق حضانتهم رسميا.
ويقول صندوق الامم المتحدة للسكان انه رغم التحسن الكبير للصحة الانجابية وتراجع معدل المواليد لا تزال نسبة الامية بين النساء ضعفها بين الرجال وتبلغ 37 في المئة كما ان 13 في المئة فقط من النساء يعملن بأجر.
ويعيش نحو 25 في المئة من الجزائريين تحت خط الفقر وسبعين في المئة من البالغين دون 30 عاما لا يعملون مما يؤدي لتفشي الاحباط والاحساس بعدم الامان والنساء يكن الضحية في أغلب الاحوال.
وذكرت منظمة العفو الدولية في تقريرها لعام 2005 ان اتهامات الاغتصاب وغيرها من جرائم العنف الجنسي لا يجري التحقيق فيها في أغلب الاحوال وان مرتكبي هذه الجرائم لا يقدمون للعدالة.
وحسن تعديل لقانون العائلة في عام 2005 وضع المرأة وحظر تطليق الزوجة بدون سبب ومنح النساء حق الحصول على نفقة مالية من ازواجهن السابقين وحق الحصول على منزل اذا كن حاضنات لاطفالهن.
غير ان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رفض توصية من لجنة اصلاح عينتها الحكومة بحذف فقرة تشترط موافقة ولي الامر على زواج المرأة.
ويقول محللون ان قرار بوتفليقة عدم حذف الفقرة عند تعديل قانون العائلة لعام 1984 اظهر استمرار نفوذ الاحزاب الاسلامية بعد معركة طويلة مع متشددين راح ضحيتها ما يصل الى 200 ألف شخص.
وغالبا ما تتعرض زوجات وبنات يصرحن بشكواهن علنا لخطر انتقام عنيف من رجال غاضبين من الاقارب.
وطلبت فتيحة (53 عاما) الطلاق بعدما ضربها زوجها الذي رفض ان تعمل مغنية وظلت في المستشفى ثلاثة اشهر تعاني من كسور وجروح خطيرة. وتقول "كل ما كنت اريده ان اصبح مغنية."
وتضيف ان العنف المتكرر اصاب اطفالها باضطرابات نفسية وان احدى بناتها حاولت الانتحار. وبعدما اصابها الانهاك وعجزت عن تحمل مثل هذا العنف المهين أكثر من ذلك لجأت لوالدها المسن انتظارا لحصولها على الطلاق وتركت اطفالها مع زوجها.
وحين توفى والدها ولم يعد هناك من يحميها حاول زوجها واحد ابنائها قتلها لعلمهما انها بمفردها في المنزل.
ونجت من الموت بفضل جار حذرها من خطتهما ولجأت لمركز دارنا للنساء في الجزائر العاصمة.
وحصلت فتيحة على الطلاق وأضحت حرة لتثقل موهبتها كمغنية وشاعرة. وبمساندة مركز النساء كتبت مجموعة من الأشعار وطرحت أغنية على قرص مدمج عبرت فيها عن ماتريد.