شبكة النبأ: تشير شيلا جيفريز في كتابها "بعد الذروة: رؤية نسوية للثورة الجنسية" (1990) إلى أن النظريات المبكرة عن الميل الجنسي ومنها النظريات التي طرحها المتخصصون في دراسة الجنس في فترة ما بين الحربين – مثل إدوارد كاربنتر وهيفلوك إيليس – لا تنطوي على "أي فهم لوجود الرجل والمرأة في اطار علاقة من علاقات السلطة ولكون الميل الجنسي عند كل من الرجل والمراة ينبع من تصورات تحددها العلاقات المادية للسلطان والضعف". ولم يبدأ أحد في تناول العلاقة بين الجنس والسلطة إلا مع ظهور الموجة النسوية الثانية، ففي عام 1971 نشرت الفيلسوفة الأمريكية سوزان جيريفين مقالاً بعنوان "الاغتصاب: جريمة أمريكية من الألف إلى الياء" ذهبت فيه إلى القول بأن هناك خطاً دقيقاً جداً يفصل بين "الشخص العادي المتسيد الذي يميل للجنس الآخر" والشخص المعتاد على الاغتصاب؛ لأن نمط السيطرة الذكورية والخضوع النسائي موجود في كل العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة. ويلاحظ أن كل التحليلات النسوية للاغتصاب تقوم على الفكرة القائلة بأن الجنس ليس له علاقة بإمتاع المرأة، ولكنه له علاقة وثيقة بسلطة الرجل، فتؤكد سوزان براونميلر في "ضد إرادتنا: الرجل والمرأة والاغتصاب" (1975) أن الاغتصاب جريمة تؤثر على كل النساء لأنها تهديد خفي يقيد كل تحركات المرأة، ومن ثم فإنه يمثل أحد ركائز السلطة الأبوية، وتقول أندريا دوركين في بعض مؤلفاتها مثل "الإباحية الجنسية" (1981) إن هناك صلة مباشرة بين الاغتصاب والإباحية الجنسية، فالأعمال الإباحية المكشوفة تعطي صوراً حقيقية للاغتصاب، ليس هذا فحسب بل إن التصوير الإباحي للمرأة على أنها (عاهرة) يؤثر على رأي جميع الرجال وجميع النساء. لكن التيار النسوي عند المرأة السوداء وفي العالم الثالث انتقد آراء براونميلر ودوركين وغيرهن لأنهم لم يعالجن الجوانب العنصرية في مسألة الاغتصاب كما ينبغي، فمثلاً تنتقد أنجيلا ديفيز في كتابها "المرأة والعنصر والطبقة" (1981) التصوير الثقافي للرجل الأسود على أنه مغتصب، وللمرأة السوداء على أنها ضحية. كما ترى بعض المفكرات المنتميات لتيار ما بعد النسوية، مثل كاتي رويفي في "الصباح التالي: الجنس والخوف والنسوية" (1992)، أن المحاولة النسوية لمكافحة الاغتصاب تجاوزت المدى أكثر من اللازم إلى حد أن النساء أصبحن يعتبرن أنهن قد يتحولن ضحايا في أي سيناريو جنسي، وهو الرأي الذي ثار حوله خلاف شديد.